قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال

قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال تحكي سيرة علم من أعلام التاريخ الإسلامي، الصحابي الجليل وخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعينه وصاحبه ونصيره، الذي أعز الله به الإسلام وكان ممن نشروا حضارته في إمبراطورية امتدت في حياته وبعد مماته، تعالوا نعرف عن قرب حياة هذا الصحابي الجليل من خلال قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال عبر موقعنا شقاوة

قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال

سنتناول في قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال جميع جوانب حياته بداية من نشأته مرورًا بدخوله في الإسلام وحتى وفاته، وذلك تفصيلًا على النحو الآتي:

1- نشأة عمر بن الخطاب

إن أول ما سنبدأ به قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال اسمه الكامل وهو عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزيز، وعرف بأبي حفص ونال لقب الفاروق لأنه أظهر إسلامه جهارا في مكة وميز الله بواسطته بين الكفر والإيمان، ولد عام 583 م، بعد ثلاثة عشر عامًا من عام الفيل، ووالده: الخطاب بن نفيل، وجده نفيل ممن كانت قبيلة قريش تحيلهم للحكم، والدته حنتمة بنت هاشم بن المغيرة.

أمضى عمر نصف عمره في مجتمع الجاهلية، ونشأ مثل أقرانه في قريش، إلا أن له ميزة عليهم في أنه كان ممن تعلموا القراءة وكان من يعرف القراءة قليل جدا، ولقد تحمل المسؤولية في سن مبكرة، وكانت تربيته قاسية للغاية لم يعرف فيها أي نوع من الترف أو مظهرا من مظاهر الثروة، أجبره والده الخطاب على رعاية جماله وقد كان لمعاملة والده القاسية أثر سلبي على عمر رضي الله عنه في طفولته.

برع منذ صغره في أنواع كثيرة من الرياضات مثل المصارعة وركوب الخيل والفروسية، استمتع بالشعر ورواه واهتم بتاريخ شعبه وشؤونهم، وكان حريصاً على حضور المعارض الكبرى للعرب مثل عكاظ وميجانة وذو المجاز، حيث كان يستفيد من فرصة التجارة ومعرفة تاريخ العرب والمعارك والمسابقات التي دارت بين القبائل.

عمل رضي الله عنه في التجارة والصناعات مما جعله من أثرياء مكة، وقد تعرف على العديد من الأشخاص في البلدان التي زارها بغرض التجارة وسافر إلى سوريا في الصيف وإلى اليمن شتاء، وهكذا احتل مكانة مرموقة في مجتمع مكة في عصر ما قبل الإسلام.

2- صفات عمر بن الخطاب رضي الله عه

كان عمر (رضي الله عنه) حكيمًا، فصيحًا، وحسن الكلام وقويًا ، ومتسامحًا ونبيلًا ، ومقنعًا وواضحًا في الكلام مما جعله مؤهلًا ليكون سفيرًا لقريش، ويتحدث باسمهم أمام القبائل الأخرى. قال ابن الجوزي: ” كانت السفارة إلى عمر بن الخطاب، إن وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيراً، أو نافرهم منافر، أو فاخرهم مفاخر، بعثوه منافراً ومفاخراً، ورضوا به رضي الله عنه.”

3- إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

عاش عمر رضي الله عنه في عصر ما قبل الإسلام وعرف الجاهلية من الداخل، عرف طبيعتها الحقيقية وعاداتها وتقاليدها ودافع عنها بكل ما لديه من قوة.

لذلك عندما دخل الإسلام فهم جماله وطبيعته، وأدرك الفارق الكبير بين الهدى والضلال والكفر والإيمان والحق والباطل، وهذا حال كل من هداه الله إلى الإسلام بعد الكفر، إنه يشعر بتلك النعمة التي قد لا نشعر بها لأننا اعتدنا عليها، فعلينا تجديد شكر نعمة الإسلام والتأمل في هذا الدين لندرك مدى عظمته ومدى النعمة التي نملكها بولادتنا مسلمين.

ومن الغريب أن نعرف مدى عداوة عمر رضي الله عنه لمحمد -صلى الله عليه وسلم- والإسلام قبل إسلامه، فنجد أنه عندما هاجرت مجموعة صغيرة من المسلمين إلى الحبشة، أصبح عمر (رضي الله عنه) قلقًا بشأن مستقبل وحدة قريش وقرر اغتيال النبي محمد (صلى الله عليه وسلم).

وفي طريقه لقتل النبي (صلى الله عليه وسلم) التقى عمر بأقرب أصدقائه نعيم بن عبد الله (رضي الله عنه) الذي اعتنق الإسلام سراً لكنه لم يخبر عمر؛ فطلب من عمر (رضي الله عنه) أن يأخذه إلى منزله الذي أسلمت فيه أخته وزوجها.

وعند وصوله إلى منزلها، وجد عمر أخته وزوج أخته سعيد بن زيد (رضي الله عنه) يتلوان آيات من القرآن من سورة طه، بدأ يتشاجر مع صهره (زوج أخته) عندما جاءت أخته لإنقاذ زوجها بدأ يتشاجر معها أيضًا، ومع ذلك ظلوا يقولون: “قد أسلمنا وآمنَّا بالله ورسوله فاصنع ما شئت”.

ولما سمع عمر هذا الكلام صفع أخته بشدة حتى سقطت على الأرض تنزف من فمه،  فلما رأى ما فعله بأخته شعر قلبه الرقيق بالذنب وطلب من أخته أن تعطيه ما تقرأه، فأعطته الصحيفة فقرأ: ” طه (1) مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى…” فرق قلبه للإيمان وطلب الذهاب إلى النبي وأسلم.

وكان هذا استجابة الله لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم لربه حين قال: ” اللهمَّ أعِزَّ الإسلامَ بأحبِّ هذين الرجُلين إليك بأبي جهلٍ أو بعمرَ بنِ الخطابِ” فكان أحبُّهما إلى اللهِ عمرَ بنَ الخطابِ.

أسلم عمر عام 616 م ،بعد عام واحد من الهجرة إلى الحبشة، وقت إسلامه كان في السابعة والعشرين من عمره، وقد أسلم بعد ثلاثة أيام من إسلام حمزة (رضي الله عنه) عم النبي، وكان عدد المسلمين في ذلك الوقت تسعة وثلاثين فقط.

اقرأ أيضًا: قصة سيدنا بلال بن رباح للأطفال

4- هجرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه

ذكر عن علي ابن أبي طالب أنه كان يقول أنه لا يعرف أحداً من المهاجرين لم يهاجر في الخفاء إلا عمر بن الخطاب، وذلك لشجاعته في الحق رضي الله عنه، فلما قرر الهجرة لبس سيفه ووضع قوسه على رأسه حمل سهامه وحمل عصاه وخرج إلى الكعبة حيث اجتمع عدد من قريش في فنائها وكانوا يطوفون بالكعبة، ثم ذهب إلى المقام (مكان الحجر الذي وقف عليه إبراهيم (عليه السلام) وهو يبني الكعبة) وبدأ يصلي بهدوء.

ثم ذهب إلى دوائر الناس واحدًا تلو الآخر وجعل يدعوا عليهم، وقال لهم أنه من أراد أن تحرم أمه منه ويصبح أبنائه يتامى وأن تكون زوجته أرملة فليقابلني وراء هذا الوادي، قال علي: لم يتبعه أحد إلا قلة ممن كانوا ضعفاء ومظلومين فعلمهم وأخبرهم عن الإسلام ثم مضى في طريقه نحو المدينة المنورة.

5- خلافة عمر بن الخطاب

حين تولى عمر بن الخطاب خلافة المسلمين بعد أبي بكر بدأ رحلة عظيمة من الحكم والسياسة اللذين تميزا بالعبقرية والعدل والرحمة والحزم، وامتدت في عصره الفتوحات وقويت شوكة المسلمين في الجزيرة وما حولها رغم الفتن والصعوبات.

ومن أبرز سمات خلافته: العدل، حتى صار العدر لا يذكر إلا مع اسم عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، حتى قال قائل: “إذا سألت عن العدل في بلاد المسلمين فقل: مات عمر” وأكنه مع موت عمر بن الخطاب مات العدل, وهذا يعبر لنا عن مدى كونه رضي الله عنه منصفا عادلا مع رعيته من المسلمين.

وفي عصره حقق العديد من الإنجازات التي ينعم بها المسلمون لليوم، ومنها:

  • هو من أسس التقويم القمري (السنة الهجرية حسب تاريخ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة المنورة
  • في عصر حكمه توسعت الإمبراطورية الإسلامية بمعدل غير مسبوق وحكمت كل العراق ومصر وليبيا وطرابلس وبلاد فارس وخراسان وشرق الأناضول وأرمينيا الجنوبية وساجستان.
  • كان عمر رضي الله عنه أول من أنشأ دائرة خاصة للتحقيق في الشكاوى ضد ضباط الدولة.
  • كان أول شخص يعين قوات شرطة للحفاظ على النظام المدني، اليوم نعرفهم برجال الشرطة والأمن.

6- وفاة عمر بن الخطاب

انتهت قصة البطل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما كان يومًا يصلي صلاة الفجر، فجاء رجل يدعى أبو لؤلؤة المجوسي (كان مجوسيًا أي غير مسلم)، فطعنه وهو يصلي ثلاث مرات، ثم قتل أبو لؤلؤة نفسه بعدها.

وفي هول الموقف لم يوقف عمر الصلاة بل جعل الصحابي عبد الرحمن بن عوف يأخذ مكانه ويكمل الصلاة مع صفوف المصلين.

ولما عاد عمر لمنزله وهو ينزف من جراحه سأل: من طعنني قيل له: أبو لؤلؤة المجوسي، فحمد عمر ربه أن قاتله ليس من أهل الإسلام والتوحيد، لأنه لا يريد أن يتحمل مسلم ذنب قتله، من حرصه على المسلمين، رضي الله عنه.

وبعد فترة وجيزة مات عمر بن الخطاب بعد أن نزفت جراحه، وصعدت روحه للجنان التي بشره بها النبي صلى الله عليه وسلم في اليوم السادس والعشرين من ذي الحجة عام 23 هجريا.

دُفن عمر في حجرة عائشة بجوار صاحبيه، الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه، ومكان دفنه الآن موجود في المسجد النبوي في المدينة المنورة.

أقوال عمر بن الخطاب

تميز عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالحكمة والبلاغة، وله أقوال كثيرة خلدها التاريخ، نذكر لكم منها:

  • “تعلموا العلم وعلموه الناس وتعلموا الوقار والسكينة وتواضعوا لمن تعلمتم منه ولمن علمتموه ولا تكونوا جبارة العلماء فلا يقوم جهلكم بعلمكم.”
  • “إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها، أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لهم مغفرة وأجر كريم”
  • “لو ماتت شاة على شط الفرات ضائعة لظننت أن الله تعالى سائلي عنها يوم القيامة.”
  • “ثلاث تثبت لك الود في صدر أخيك: أن تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الأسماء إليه.”
  • “إذا عرض لك أمران: احدهما لله والآخر للدنيا، فآثر نصيبك من الآخرة على تصيبك من الدنيا، فأن الدنيا تنفد والآخرة تبقى.”
  • “لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين”
  • ” لا تنظروا إلى صيام أحد ولا صلاته، ولكن انظروا إلى صدق حديثه إذا حدث، وأمانته إذا ائتمن، وورعه إذا أشفى.”

اقرأ أيضًا: تفسير سورة الإخلاص للأطفال

مكانة عمر بن الخطاب

يكفينا لبيان عظم مكانته رضي الله عنه أن نذكر مواقف وافق الوحي الإلهي رأيه الحكيم فيها، فعن عمر رضي الله عنه قال: :”وافقت ربي في ثلاث، قلت: يا رسول الله لو اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى فنزلت: وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى. وقلت: يا رسول الله يدخل على نسائك البر والفاجر فلو أمرتهن يحتجبن فنزلت آية الحجاب، واجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم في الغيرة فقلت عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكن فنزلت كذلك”

وكان رضي الله عنه واسع المعرفة في الدين، فقد روى عن أبي وائل قال: “قال عبد الله لو أن علم عمر وضع في كفة الميزان ووضع علم أهل الأرض في كفة لرجح علمه بعلمهم”

ومن فضله دعاء النبي له بزادة الإيمان، فعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول اللهم أخرج ما في صدر عمر من غل وأبدله إيماناً يقول ذلك ثلاث مرات.

وتلك كانت قصة سيدنا عمر بن الخطاب للأطفال نبين فيها حياته في الجاهلية وقصة إسلامه وكذلك قصة خلافته وعدله في الحكم على المسلمين بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وفضله ومكانته في الإسلام وبين الصحابة، ونرجو أن نكون قد أفدناكم.

قد يعجبك أيضًا
عرض التعليقات (2)