هل بول الطفل ينقض الوضوء

هل بول الطفل ينقض الوضوء وهل له عمر محدد في تحول بول الرضيع إلى نجس أم هو نجس منذ الولادة هذه الأسئلة تدور في ذهن كل أم لطفلٍ في عمر مبكرة من حياته.

لذلك ففي السطور القادمة وعبر موقع شقاوة سنعرض لكم إجابة سؤال “هل بول الطفل ينقض الوضوء” حسب أقوال علماء الفقه الإسلامي في مختلف العصور.

هل بول الطفل ينقض الوضوء

خلق الله –عز وجل- الإنسان على فطرة الطهارة والنظافة، كما خلق له جهازين إخراجيين “السبيلين”، وعلى الإنسان البالغ أن يتطهر من بوله أو من غائطه امتثالًا لما جاء في القرآن الكريم:

(وَإِن كُنتُم مَّرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ ۚ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَٰكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) الآية السادسة من سورة المائدة.

هذا بالنسبة للإنسان البالغ، لكن ماذا عن الطفل الرضيع، وبوله أو غائطه، هل بول الطفل ينقض الوضوء أم غائطه، أم البول والغائط على حد السواء.

جاء فيما اجتمع عليه العلماء في عديد من كتب العلوم الشرعية، مثل كتاب “فقه العبادات” في باب الطهارة فصل تطهير النجاسات، فإن لمس بول الصبي طاهر إن لم يأكل طعامًا، أما بول الفتاة فهو نجس، ويوجب غسله سواء أكانت الفتاة قد أكلت أو لم تأكل.

أما في حالة كان الصبي قد أكل، فيلزم غسل الجزء الذي بال الصبي عليه ليستطيع أن يصلي، وإن جاء البول على الملابس، فيجب غسل الجزء الذي لمسها للصلاة بهذه الثياب.

كما أجاب الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن بول الرضيع ينقض الوضوء، لكن إن كان بول صبي فإنه غير نجس ولا يوجب الغسل، وإن طال بول هذا الطفل الملابس فيتم غسل الجزء الذي طال البول من الملابس فقط، ولا يشترط غسل الثياب كلها.

أما إن كان الرضيع قد تغوط فإن غائطه نجس، سواء أكان ذكرًا أو أنثى، يأكل أو يعتمد في غذائه على الرضاعة فقط.

اقرأ أيضًا: طرق التعامل مع الطفل العنيد كثير البكاء

قول علماء المذاهب الأربعة في بول الرضيع

المذاهب الفقهية الأربعة هي أحد المصادر القوية التي يلجأ إليها المسلم في معرفة المسائل الفقهية، وضمن ما يبحث عنه المسلم في مذاهب الأئمة الأربعة إجابة سؤال “هل بول الطفل ينقض الوضوء”.

1- قول الشافعية في طهارة بول الطفل

جاء في حاشية “شرح مشكل الوسيط” لابن الصلاح تقي الدين عثمان بن عبد الرحمن، أن بول الصبي لا ينقض الوضوء، واستدل ابن الصلاح على الحديث الشريف الذي روته أم قيس بنت محصن، وأخرجه الإمامين البخاري ومسلم في صحيحيهما:

أنَّهَا أتَتْ بابْنٍ لَهَا صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلِ الطَّعَامَ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأجْلَسَهُ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ في حَجْرِهِ، فَبَالَ علَى ثَوْبِهِ، فَدَعَا بمَاءٍ، فَنَضَحَهُ ولَمْ يَغْسِلْهُ“.

2- قول الحنابلة في طهارة بول الرضيع

ذكر شمس الدين بن قدامة المقدسي في حاشيته “الشرح الكبير”، أن بول الرضيع يتوقف على جنسه، فإن كان الرضيع ذكرًا فإن بوله لا يلزم غسل الثوب كله في حالة ملامسة بول الصبي له بل يرش بالماء، أما الفتاة فيلزم غسل الثوب كله، أو موضع البول.

استدل بن قدامة المقدسي بالحديث الذي روته السيدة لبابة بنت الحارث، وأخرجه الألباني صحيحًا:

إنَّما يُغسَلُ من بَولِ الأُنْثى، ويُنضَحُ من بَولِ الذَّكرِ“.

اقرأ أيضًا: متى يبدأ الطفل بالضحك

3- قول الحنفية والمالكية في طهارة بول الطفل

جاء قول علماء المالكية في لابن الرشد الحفيد في “بداية المجتهد ونهاية المقتصد” أن غسل الثوب يجب مع بول الصبي، وبول الفتاة ولكن بشرط ألا يأكلا الطعام، أما الإمام أبي حنيفة النعمان فقال إن بول الصبي أو بول الفتاة كلاهما كبول الرجل والمرأة يوجب الغسل.

قول علماء السلف في حكم طهارة بول الرضيع

علماء السلف الصالح هم العلماء الذين عاصروا التابعين، أو كانوا طلابًا لعلم أحد الأئمة الأربعة، وسؤال هل بول الطفل ينقض الوضوء مما تعرض له علماء السلف الصالح.

ممن ذكر قوله في هذه المسألة القاضي عياض، فقال: “إن بول الصبي ما لم يأكل طاهر، فيرش فقط بالماء”، أما الشيخ أبو سليمان الخطابي، فذكر إن بول الصبي ليس بطاهر، ولكن المسح عليه من باب التخفيف في إزالته.

أما الإمام النووي -عليه رحمة الله- فقال: “إن الخلاف في كيفية تطهير بول الصبي أو الفتاة، لا الخلاف على نجاستهما”، وقد أجمع عددًا من العلماء على نجاسة بول الصبي وأنه كالفتاة.

أما الإمام الحافظ ابن حجر العسقلاني فقد ذكر في كتابه “فتح الباري”، أن بول الصبي ينضح بالماء إن لم يأكل، وقال: “إن الأكل يكون بخلاف العسل، أو التمر، أو لبن الأم”.

رأي ابن عثيمين وابن باز في مسألة طهارة بول الصبي

العلامتان الشيخان محمد بن صالح آل عثيمين -رحمه الله-، وعبد العزيز بن عبد الله بن باز -رحمه الله- قد عرضا إجابة سؤال “هل بول الطفل ينقض الوضوء” في مجموع فتاويهما.

فيقول الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين في فتاوى نورٌ على الدرب: “إن بول الذكر الذي يتغذى باللبن بولاً خفيفًا، ويكفي في تطهيره النضح”، وهذا حسب ما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أما بالنسبة للأنثى فيوجب غسل بول الأنثى.

كما ذكر فضيلته أن لمس الأم لعضو الصبي أثناء وضوئها لإزالة النجس لا ينقض الوضوء، بينما ذكر العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز إن كان الطفل الرضيع ملابسه مبتلة ببوله، فإن لمسها يعد نقضًا للوضوء، أما إن كانت ملابسه رطبة فلا بأس بها.

كما قال الشيخ في برنامج فتاوى نورٌ على الدرب: “بول الطفل نجس مطلقا من حين الولادة إلى آخر حياته يكون نجس“، لكن أوضح الشيخ أن في وقت رضاعة الطفل تكون نجاسته مخففة؛ لذلك فيكفي أن تُنضح بالماء.

اقرأ أيضًا: علاج التهاب البول عند الأطفال

قول العلماء المعاصرين في حكم بول الصبي

لم تتوقف الإجابة عن سؤال “هل بول الطفل ينقض الوضوء” عند علماء القرن العشرين مثل الشيخين ابن عثيمين، وابن باز، بل تعرض لها عددًا من علماء الأمة المعاصرين، مجيبين عن الأسئلة في تلك المسألة.

حيث عرض الشيخ عزيز العنزي مقدم برنامج فتاوى المذاع عبر قناة الشارقة الإماراتية، وقال الشيخ: “إن تبول الطفل على ثوب شخصٍ على وضوء، فإن الضوء صحيح ولا ينقض الضوء، وما عليه إلا أن ينضح مكان البول طالما كان رضيعًا”.

كما أجاب الدكتور أحمد عمر هاشم عبر برنامج المسلمون يتساءلون، فقال: “إن الذكر لم يتناول الطعام أي في مرحلة الرضاعة، فإن بول الطفل ليس بنجس ويرش مكان البول، بينما الفتاة يغسل الثوب حتى يمر الماء من جهتي المكان”.

الشيخ عبد العزيز الطريفي أجاب في برنامج يستفتونك المذاع على قناة الرسالة، حيث ذكر الشيخ إن البول ليس بطاهر في الرضيع أو البالغ، وإن كان الطفل رضيعًا فإن بوله يطهر برش الماء، بينما إن كان الرضيع فتاة فإنها توجب غسل الجزء الذي جاء عليه البول.

الشيخ سعيد بن محمد الكملي ذكر في حكم بول الفتى والفتاة، أشار إلى أنه في حال كان بول الصبي وهو يأكل الطعام “فبوله مثل بول أبيه نجس باتفاق“، وقال: “إن بول الصبي يغسل ويرش عليه الماء، ويصب، ولا يشترط في الغسل أن تفرك الثياب”.

لكن إن كان البول بول فتاة، فهو يغسل ولا ينضح، ويكون الغسل بأن تُصب عليه الماء صبًا، أو أن يغسل الثوب بأكمله.

إن المسلم يتحرز من كل شيءٍ قد يعطله عن القيام بالفروض التي أقرها الله -سبحانه وتعالى- عليه؛ لذلك يكون كثير الأسئلة الفقهية، حتى وإن كانت بول ابنه.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا