الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن
الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن من الفروقات التي يجب على المسلم أن يكون ملمًا بها، فالأحكام الدينية خاصة التشريعات التي أتت فيما يخص الزواج والطلاق من الأمور التي لا تقبل الاحتمالية أو الاستهانة بها، لذا ومن خلال موقع شقاوة سوف نتعرف تفصيليًا على الفرق بين نوعي الطلاق الرجعي والبائن، وذلك عبر السطور التالية.
الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن
يقول الله عز وجل في محكم التنزيل في سورة الروم الآية رقم:” وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ“.
أي أن أساس الزواج أنه يتم بناء على المودة والرحمة، إلا أنه في الكثير من الأحيان قد تستحيل الحياة بين الزوجين، فتكون النتيجة الوصول إلى مرحلة الطلاق، وهنا أتى قول الله تعالى جل في علاه:
“ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا” سورة النساء الآية رقم 19.
لذا أحل الله للمسلم أن يطلق زوجته إن وجد أنه لا أمل في أن تعود الحياة بينهما إلى ما كانت عليه، لكن هناك نوعين من الطلاق، هما الطلاق الرجعي وهو أن يتم تطليق المرأة والرجوع إليها قبل انقضاء عدتها، وذلك امتثالًا لقول الله عز وجل في سورة النساء الآية رقم 128:
” وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا ۚ وَالصُّلْحُ خَيْرٌ ۗ وَأُحْضِرَتِ الْأَنفُسُ الشُّحَّ ۚ وَإِن تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا“.
لكن إن كان الرجوع في أمر الطلاق من أجل أن يلحق بها الأذى، فإنه في تلك الحالة يأثم إثمًا عظيمًا، فقد قال الله تعالى في سورة البقرة الآية رقم 231:
” وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ۚ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِّتَعْتَدُوا ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ“.
أما في حالة إن كان الطلاق قد تجاوز فترة العدة للطلقة الأولى والثانية، فتعد في تلك الحالة طلقة بائنة صغرى، أما إن كان الأمر في الطلقة الثالثة فتعد بائنة كبرى، ولا يمكنها أن تعود إليه مرة أخرى إلا بعد أن تنكح زوجًا غيره، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى:
“الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىٰ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ۗ فَإِن طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يَتَرَاجَعَا إِن ظَنَّا أَن يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۗ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ“.
اقرأ أيضًا: كيفية إرجاع الزوجة بعد الطلاق
حقوق المرأة في الطلاق
شرع الله عز وجل للمرأة الكثير من الحقوق، والتي من الممكن أن نتعرف عليها في إطار تناول الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن، حيث إنه هناك فروق عدة، سوف نتناولها فيما يلي:
1- فرض الصداق
الصداق من الأمور الواجبة في الدين الإسلامي من أجل إتمام الزيجة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية أنس بن مالك:
” أنَّ عبدَ الرحمنِ بنَ عَوفٍ قَدِمَ المدينةَ، فآخَى رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بيْنه وبيْن سعدِ بنِ الرَّبيعِ الأنصاريِّ، فقال له سعدٌ: أيْ أخي، أنا أكثَرُ أهلِ المدينةِ مالًا، فانظُرْ شَطْرَ مالي فخُذْهُ، وتَحْتي امرأتانِ، فانظُرْ أيُّهما أَعجَبُ إليك حتى أُطَلِّقَها. فقال عبدُ الرحمنِ: بارَكَ اللهُ لك في أهْلِك ومالِك، دُلُّوني على السُّوقِ، فدَلُّوه على السُّوقِ، فذهَبَ فاشتَرى وباع ورَبِحَ، فجاء بشَيءٍ مِن أَقِطٍ وسَمنٍ، ثمَّ لَبِثَ ما شاء اللهُ أنْ يَلبَثَ، فجاء وعليه رَدْعُ زَعْفَرانٍ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَهْيَمْ، فقال: يا رسولَ اللهِ، تزَوَّجْتُ امرأةً، فقال: ما أَصْدَقْتَها قال: وَزْنَ نَواةٍ مِن ذهَبٍ، قال: أَوْلِمْ ولو بشاةٍ. قال عبدُ الرحمنِ: فلقد رأيْتُني ولو رفَعْتُ حَجَرًا لرَجَوْتُ أنْ أُصيبَ ذهَبًا أو فِضَّةً” (صحيح)
أما في زمننا الآن فهو المبلغ الذي يتم تحديده من أجل التصديق على رغبة الرجل في الزواج، فيدفع منه ما يقدر عليه في عقد القران، ويؤجل المتبقي منه ويسمى في تلك الحالة مؤخرًا، إلا أنه من الضروري أن يؤديه إلى زوجته السابقة في الحالتين حيث إنه في تلك الحالة لا يتوافر الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن، فقد قال الله تعالى في محكم التنزيل:
“ وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا (20) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا” سورة النساء الآيتين رقم 20، 21.
كما قال جل شأنه في موضع آخر في القرآن الكريم: “ وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً ۚ فَإِن طِبْنَ لَكُمْ عَن شَيْءٍ مِّنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَّرِيئًا” سورة النساء الآية رقم 4.
أما في حالة إن كان الطلاق قد تم قبل أن يتم الدخول بالزوجة، فعليه أن يأخذ نصف الصداق، وذلك امتثالًا لقول الله تعالى في سورة البقرة الآيتين رقم 236، 237:
“لَّا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ ۖ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ (236) وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ ۚ وَأَن تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۚ وَلَا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ“.
2- النفقة في حالة الطلاق
اختلف الأمر في النفقة عن الصداق، حيث اتفق علماء الدين أنه هناك الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن في تلك الحالة، لذا من خلال ما يلي سوف نتناول الأمر بشيء من التفصيل عبر السطور القادمة:
النفقة في حالة الطلاق الرجعي
يقول الله عز وجل في محكم التنزيل في سورة البقرة الآية رقم 223:
” وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ۚ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِن كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَٰلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا ۚ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ“.
ففترة العدة التي أقرها الله للمرأة ينبغي أن تكون ثلاثة شهور على أن ينفق عليها الزوج إلى أن يرى أسوف يعود إليها أم يصبح الطلاق بائن.
كذلك على الزوج المسلم في تلك الحالة ألا يقوم بإخراجها من المنزل، وذلك امتثالًا لقول الله عز وجل في الآية الأولى من سورة الطلاق:
“ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ ۖ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ۚ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ۚ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا“.
لذا على المسلم أن يسمع كلام الله عز وجل ولا يترك للشيطان منفذًا، فمن شأنه أن يكون في تلك الحالة سببًا في عدم الصلح مع الزوجة، كونها رأت أنه لا يقيم ما شرع الله عز وجل.
النفقة في الطلاق البائن
في إطار التعرف على الفرق بين الطلاق الرجعي والطلاق البائن، نجد أن النفقة في حالة الطلاق الثانية اقتضت بأن ينفق عليها الزوج إن كانت حاملًا، وذلك امتثالًا لقول الله جل في علاه في الآية رقم 4 من سورة الطلاق:
“وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ ۚ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا“
أي أنه في تلك الحالة عليه أن يقوم بالإنفاق عليها حتى تلد فقط، وفي حالة عدم حملها، فقد أشار فقهاء أهل العلم أنه لا يحق لها سوى نفقة الأولاد، وأن يقوم الأب بتوفير السكن لهم.
3- أجرة الرضاعة
في سياق التعرف على الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن نجد أنه في حالة وجود رضيع، فإن للأم أجر في حالة الطلاق، إلا أن الأمر انقسم شقين بانقسام حالتي الطلاق، حيث أتى الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن في تلك الحالة على النحو التالي:
أجر الرضاعة للمطلقة رجعيًا
اختلف الفقهاء في أمر حصول المطلقة طلاقًا رجعيًا على أجر الرضاعة، كونها لم تتم الثلاث أشهر وعادت إلى الزوج أي أنها لم تتم الحولين الذين فرضهما الله تعالى من أجل إتمام الرضاعة.
فقد رأى الحنفية أنها لا تستحق أجرة الرضاعة، بينما رأى المالكية أنها من الممكن أن يكون لها الأحقية فيها تبعًا لعدة عوامل، بينما رأى الحنابلة والشافعية أن لها الحق الكامل في الحصول على أجرة الرضاعة، واختلاف العلماء رحمة، فمن الممكن أن تطلب المرأة أجرة الرضاعة من الزوج خلال فترة العدة إن لم الأمر قد يتسبب في مشكلة جديدة.
أجرة الرضاعة للمطلقة بائنًا
أما في حالة إن كان الطلاق بائنًا فقد أصبحت الأم في تلك الحالة أجنبية عن الأب، وعليها أن تحصل على أجر الرضاعة كاملًا، وذلك امتثالًا لقول الله عز وجل في سورة الطلاق الآية رقم 6:
“ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ۚ وَإِن كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ۚ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ۖ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ ۖ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى”.
اقرأ أيضًا: حضانة الأولاد بعد الطلاق إذا تزوجت الأم
حق المطلقة في حضانة الأولاد
لا يحق للوالد أن يأخذ من الأم أطفالها أي كان نوع الطلاق، فهنا لا ينبغي أن نذكر وجود الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن، فقد ثبت أحقية الأم في تربية الأولاد بعدة عوامل، والتي سنتعرف عليها سويًا من خلال الفقرة القادمة.
عوامل ثبوت أحقية المطلقة في الحضانة
بعد أن تعرفنا على الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن بشيء من التفصيل، علينا أن نعلم أنه هناك عدة عوامل من شأنها أن تؤكد أن ترك الأب الأولاد للأم في حالة الطلاق أمرًا محمودًا لهم ومطابق للشريعة الإسلامية، حيث جاءت تلك البراهين على النحو التالي:
1– أحقية الحضانة في القرآن
يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة النساء الآية رقم 233:
” وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ لِمَنْ أَرَادَ أَن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ ۚ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ۚ لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا ۚ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَّهُ بِوَلَدِهِ ۚ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَٰلِكَ ۗ فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَن تَرَاضٍ مِّنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا ۗ وَإِنْ أَرَدتُّمْ أَن تَسْتَرْضِعُوا أَوْلَادَكُمْ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِذَا سَلَّمْتُم مَّا آتَيْتُم بِالْمَعْرُوفِ ۗ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ“.
ففي تلك الآية نرى أن القرآن الكريم لم يذكر أن الأطفال من شأنها أن تعيش مع الوالد، كونه لن يقدر على خدمتهم ومراعاتهم ومساعدتهم كما تفعل الأم، إلا أنه على صعيد آخر لم يمنعه من رؤيتهم، فهذا الأمر مخالف للدين، حتى وإن لم يذكر في كتاب الله.
فهناك أمور من الممكن أن نتبينها دون أن نرى دليلًا من الكتاب أو السنة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
” الحَلَالُ بَيِّنٌ، والحَرَامُ بَيِّنٌ، وبيْنَهُما مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى المُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وعِرْضِهِ، ومَن وقَعَ في الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أنْ يُوَاقِعَهُ، ألَا وإنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، ألَا إنَّ حِمَى اللَّهِ في أرْضِهِ مَحَارِمُهُ، ألَا وإنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً: إذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وإذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، ألَا وهي القَلْبُ” رواه النعمان بن البشير.
2- أحقية الحضانة للأم في السنة المطهرة
أيضًا جاء في السنة النبوية في رواية عبد الله بن عمرو:” أنَّ امرأةً قالت: يا رسولَ اللهِ إنَّ ابني هذا كان بطني له وِعاءً وثديي له سِقاءً وحِجري له حِواءً وإنَّ أباه طلَّقَني وأراد أن ينتزعَه منِّي فقال لها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: أنتِ أحقُّ به ما لم تَنكِحِي” (صحيح).
فقد أكد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الحضانة تكون للمطلقة، وأنه لا يوجد هناك الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن في تلك الحالة فهم سواء ولها أن تستمر مع أولادها إلى أن تنكح.
اقرأ أيضًا: هل يمكن إرجاع الزوجة بعد صدور وثيقة الطلاق البائن
3- الإجماع والرجحان
أما من منطلق العقل، نرى أنه في سياق التعرف على الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أن للأب القدرة على التعامل مع الأولاد أفضل من الأم، إلا إن ثبت أنها على غير خلق، أو أنها غير مؤهلة لتربيتهم.
كما أنه بالرجوع إلى السلف الصالح نرى أن صحابة رسول الله رضوان الله عليهم، لم يعارضوا بقاء ولد مع أمه في حالة الطلاق، مما يشير إلى إجماعهم على الأمر.
بالنظر إلى تشريعات الله عز وجل نجد أنها تحمل الكثير من الخير سواء للرجل أو المرأة، لذا من الضروري علينا اتباعها، دون جدال، خاصة فيما يتعلق بأحكام الزواج والطلاق كما رأينا في الفرق بين الطلاق الرجعي والبائن من كافة الجوانب.