حكم سقوط الجنين في المرحاض

حكم سقوط الجنين في المرحاض من الأمور الفقهية التي اختلف عليها أهل العلم والفقهاء، كما أن الحكم الخاص بهذا الشأن يختلف باختلاف حالة الجنين، ومن خلال موقع شقاوة سنتعرف على الحكم الشرعي لسقوط الجنين في المرحاض، كما سنشير إلى بعض الأحكام ذات الصلة بهذا الأمر.

حكم سقوط الجنين في المرحاض

في بعض الأمور قد يقع الفرد منا في بعض المعاصي دون وعيٍ منه، ولكن ماذا إن كان الأمر يتمثل في إزهاق نفس من ثم فإن حكم سقوط الجنين في المرحاض يشير إلى حدوث الإجهاض، ونزول هذا الجنين على هيئة نزيف من الدماء مصاحبًا لقطع من اللحم.

كما أن هذا الأمر يمكنه أن يتم من عن عمد أو دون إرادة الأم، ففي بعض الأحيان قد تتسبب بعض الأدوية على سبيل المثال لا الحصر في الإجهاض، كما أن الصدمات يمكنها أن تؤدي الأمر ذاته.

من ثم فإنه في حال أن سقط الجنين وتُوفيَ قبل أربعة أشهر فإنه لا يُسمى وليس له عقيقة، وما دون ذلك يتم عمل عقيقة له لأنه قد دبت به الروح وأصبح آدميًا، وبتلك الحالة يتم الذبح عنه وتغسيله والصلاة عليه ودفنه.

اقرأ أيضًا: هل تحديد نوع الجنين حرام

الأحكام المتعلقة بالإجهاض

عقب الاطلاع على حكم سقوط الجنين في المرحاض، نشير إلى أنه توجد بعض الأحكام الفقهية الأخرى ذات الصلة بهذا الحكم، والتي تتنوع بين الإجهاض قبل نفخ الروح والإجهاض بعده، وغيرها من الأحكام الأخرى التي سنشير إليها ببعض التفصيل في الفقرات المقبلة.

1- حكم إسقاط الجنين قبل نفخ الروح

ضمن إطار الحديث عن حكم سقوط الجنين في المرحاض، نشير إلى أن لتلك الحالة 3 آراء، كما أنها تتمثل في الإجهاض دون وجود مؤثرات خارجية تؤدي إلى فقدان الجنين، وإليكم تلك الآراء في النقاط المقبلة:

  • رأي الحنابلة والإمام الرملي من الشافعية وأتباع المذهب الحنفي جاء بجواز إجهاض الجنين قبل نفخ الروح فيه، ومن ثم فينبغي احتساب مدة الحمل بدءً من تاريخ التلقيح.
  • جاء رأي المالكية والإمام الغزالي من أتباع المذهب الشافعي وأصحاب المذهب الحنبلي بحرمانية الإجهاض حين تستقر النطفة في الرحم.
  • أشار أغلب الحنابلة والشافعية إلى جواز إسقاط الجنين وإجهاضه قبل أن تدب الروح به ويصبح آدميًا، على أن يكون هذا الأمر نابعًا عن وجود عذر شرعي، والذي يتمثل في مرض الأم على سبيل المثال، ففي تلك الحالة يتم تفضيل حياة الأم على حياة جنينها.

2- حُكم إجهاض الجنين الذي يمتلك الروح

بالنظر إلى ما ورد بخصوص حكم سقوط الجنين في المرحاض، نشير إلى أن حكم إجهاض الأجنة بعد نفخ الروح بها من الأمور المحرمة التي نهانا عنه الله –عز وجل- في محكم كتابه حين قال: وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ ۚ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا (سورة الإسراء الآية 31).

إلى جانب ذلك فقد ورد الدليل على حرمانية الأمر ذاته في السنة النبوية الشريفة فعن عبد الله بن مسعود –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا نطفةً، ثم يكونُ علقةً مثلَ ذلك، ثم يكونُ مضغةً مثلَ ذلك، ثم يبعثُ اللهُ إليه ملَكًا، ويُؤمرُ بأربعِ كلماتٍ”.

ثم استكمل –عليه أفضل الصلاة والسلام قوله: “ويُقالُ له: اكتبْ عملَه، ورزقَه، وأجلَه، وشقيٌّ أو سعيدٌ؛ ثم يُنفخُ فيه الروحَ، فإنَّ الرجلَ منكم ليعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، حتى لا يكونَ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ النارِ، فيدخلُ النارَ، وإنَّ الرجلَ ليعملُ بعملِ أهلِ النارِ، حتى ما يكونُ بينه وبينها إلا ذراعٌ، فيسبقُ عليه الكتابُ، فيعملُ بعملِ أهلِ الجنةِ، فيدخلُ الجنةَ”.

اقرأ أيضًا: هل الخبطة في البطن تؤثر على الجنين

حقوق الأجنة عقب الإجهاض

بعد أن تعرفنا على الحكم الخاص بإجهاض الجنين على اختلاف الحالات التي من الممكن أن يشتمل عليها، نشير إلى أن لتلك الأجنة حقوق أيضًا ينبغي أن يحصلوا عليها حتى عقب مفارقتهم للحياة، وهي من ضمن النعم التي جاء بها الدين الإسلامي الجلل.

تلك الحقوق تتمثل في وجوب تغسيل الأجنة إن خرجت حية ومن ثم توفت، وعلى الرغم من ذلك إلا أنه وجدت العديد من الآراء التي اختلفت بهذا الشأن، إذ أن الحنابلة قد أشاروا إلى ضرورة تغسيل الجنين الذي أُجهض عقب إتمامه الشهر الرابع من الحمل.

بينما قال أتباع الحنفية إنه لا ينبغي تغسيل الجنين الذي بلغ 4 أشهر ومن ثم تعرض إلى الإجهاض، والأمر كذلك بالنسبة على الجنين الذي تجاوز المدة ذاتها، وفي تلك الحالة يتم الاكتفاء بتطهيره من العناصر العالقة بجسده الفاني من داخل أحشاء الأم.

كما يتم لفه ودفنه في التراب، وفيما يخص التكفين والصلاة عليه، فإنها تتم فقط في حال أن دبت به الروح، ومن ثم يتم استثناء الأجنة الذين لم تدب بهم الروح من تلك الحالة.

اقرأ أيضًا: أشياء تسبب موت الجنين

أثر إجهاض الأجنة وحالاته

لم ينهانا الدين الإسلامي عن أمر سوى لحكمة لا يعلمها إلا الله –عز وجل- بما يعود بالنفع والخير على الفرد نفسه ومن حوله، والسبب وراء حرمانية الإجهاض وإزهاق النفس التي تدب بها الحياة.

يرجع إلى تلك الآثار السلبية التي من الممكن أن تعود على المرأة، ويؤثر على حالتها النفسية والمعنوية بل والبدنية في كثير من الأحيان.

على الرغم من حرمانية الأمر إلا أن الدين الإسلامي أباح فعله في بعض الحالات، ومنها أن يكون الطفل نفسه يعاني من بعض الأمراض التي تسبق ولادته وهي ما ستجعله يعيش في مأساة طوال حياته.

أيضًا في حال كان الجنين يعاني من أي تشوه أو مرض يصعب علاجه، أو كان وجوده يؤثر بالسلب على حياة الأم، ففي تلك الحالة من الممكن أن يتم إجهاض الطفل تجنبًا إلى تلك المشكلات الصحية التي ستعترض طريقه فيما بعد، كما أن تلك الحالة لا تُحاسب عليها الأم ولا يقع عليها ذنب.

الجدير بالذكر أنه ينبغي في حال أن سقط الجنين وتم دفنه القيم بإخراج الكفارة، ومن هنا توجد بعض الآراء الفقهية المختلفة التي تنوعت بين مشروعية وحرمانية هذا الفعل.

حيث يرى أتباع المذهب المالكي بأنه من المستحب أن يتم إخراج الكفارة عند إسقاط الجنين وهو ما يجعل الأمر غير ضروريًا أو واجبًا.

على النقيض نجد أن أتباع المذهب الحنفي قد أشاروا إلى عدم وجوب هذا الفعل، وأنه من الأفضل أن يتم التقرب إلى الله –عز وجل- والسعي نحو التوبة والتكفير عن هذا الذنب إن كان الإجهاض قد تم عن عمد.

فيما يتعلق برأي أتباع المذهب الشافعي والحنبلي بخصوص إخراج الكفارة عند إسقاط الأجنة، فقد أشاروا إلى ضرورة القيام بهذا الفعل، سواء كان الجنين المُجهض حيًا أم ميتًا.

يبقى حكم سقوط الجنين في المرحاض من الأمور التي تُشعر المرأة التي تعرضت إلى فقد جنينها بالحزن والقلق، كما أنها تستدعي التعرف على رأي أهل العلم.

قد يعجبك أيضًا
اترك تعليقا